سمات البنية السكانية للمهاجرين العراقيين

سمات البنية السكانية للمهاجرين العراقيين في هولندا ( الجزء الأول )*

مقدمة
طرحت هجرة العراقيين بأعداد كبيرة وصلت الملايين ضرورة دراستها اجتماعيا واقتصاديا وسكانيا وثقافيا وغيرها من أجل التعرف على سماتها والتغيرات التي أثرت فيها في بلدان المهجر وما تركته من أثار في بنية المجتمع العراقي حيث أن أي دراسة جادة لهذه البنية لابد وأن تُدخل مكون الهجرة في صلب موضوعاتها . ونعتقد أن الدراسات في هذا الجانب مازالت قاصرة أو محدودة أن لم تكن معدومة في العديد من هذه البلدان وربما يعود ذلك إلى الضعف التنظيمي للجاليات العراقية المهاجرة وغياب المؤسسات التي تدعم مثل هذه الدراسات وإلى حداثة هجرة العراقيين بأعداد كبيرة .

نحاول هنا التعرف على سمات البنية السكانية للعراقيين في هولندا وسنعرض تطور أعدادهم وتوزيعهم الجغرافي ثم نتعرف على مكونات هذه البنية نعني : البنية العمرية والجنسية والعائلية والتعليمية وبنية السكان النشيطين اقتصاديا والبنية الاثنية والدينية وازدواج الجنسية والاندماج في المجتمع المضيف .وحاولنا عقد مقارنات مع بلدان المهجر الأخرى والعراق والمجموعات المهاجرة الأخرى في هولندا ولم نكثر من ذلك خشية الإطالة.

تطور عدد المهاجرين
يمثل العراقيون في هولندا أحدى المجموعات المهاجرة التي نمت أسرع من غيرها حيث ارتفع عددهم بنسبة 540% في 1995-2005 ويُعدون أكبر مجموعة جديدة 43500 نسمة في 2005 (1 ). وجاءت الغالبية الساحقة منهم كلاجئين إذ 2% فقط جاءوا بمحفزات أخرى في 2001 . (2)
جاء العراقيون إلى هولندا في البداية في منتصف سبعينات القرن الماضي وكانوا من الأكراد عقب تراجع الحركة الكردية بعد توقيع اتفاقية الجزائر بين النظام السابق وإيران في 1975 . وكانت الغالبية من الناشطين سياسيا ومن سكان المدن والكثير في عمر الشباب . وكان عدد طالبي اللجوء محدودا خلال الحرب العراقية –الإيرانية 1980-1988 بلغ 309 وساهم في قلته ليس فقط في هولندا وإنما في بقية بلدان اللجوء منع السفر الذي فرضه النظام في 1982 والذي رُفع بعد انتهاء الحرب مع إيران . (3) ولعبت هذه الحرب دورا في هجرة مجموعات اثنية أخرى مثل العرب من الجنوب والآشوريين والكلدان والتركمان وغيرهم . ووسط هؤلاء نجد أعضاء في أحزاب سياسية مثل الشيوعيين والمسلمين الشيعة ورافضي الخدمة العسكرية. (4)

وقد أزداد تيار الهجرة إلى هولندا في تسعينات القرن الماضي بعد غزو الكويت في 1990 وما أعقبه من الحرب وقمع الانتفاضة في 1991 وفرض الحصار الاقتصادي على العراق. ولجأ الكثير من العراقيين إلى الدول المجاورة بالأخص إيران لكن جزءاً منهم توجه إلى أوروبا الغربية . واحتلت هولندا المرتبة الثانية بعد ألمانيا بين الدول الأوربية والصناعية في استقطابها للاجئين العراقيين منذ بداية التسعينات وإلى الآن رغم تراجع أعدادهم في السنوات الأخيرة. أنظر جدول وشكل رقم ( 1) وتوجه إليها أكبر عدد في عامي 1997 و1998 . وجاءت الغالبية بمبادرة شخصية وعدد محدود تم دعوته. أنظر جدول رقم (2 ) ولم يأت أغلب هؤلاء من المدن فقط بل جاءوا من الريف أيضاً. (5)

جدول رقم (1 ) مجموع طلبات اللجوء المقدمة من قبل العراقيين في عشرين بلدا في الفترة 1993-2002 (6 )
البلد العدد البلد العدد
اسبانيا 1514 السويد 32958
استراليا 5485 سويسرا 8473
ألمانيا 90483 فرنسا 2493
ايرلندا 544 كندا 2954
ايطاليا 15158 المملكة المتحدة 35860
بلجيكا 2686 الولايات المتحدة 4959
بولندا 1065 النرويج 9562
تركيا 26500 النمسا 18071
الجيك 1773 هنغاريا 5405
الدنمارك 13777 هولندا 39662

جدول رقم (2 ) عدد طالبي اللجوء العراقيين والحاصلين على الإقامة في هولندا في 1989-2004 (7 )
السنوات عدد طالبي اللجوء عدد الحاصلين على الإقامة عدد الذين تمت دعوتهم
1989 361 - -
1990 439 - -
1991 684 - -
1992 770 1005 233
1993 3229 893 319
1994 2858 2129 461
1995 2431 2773 547
1996 4378 4938 475
1997 9641 4341 118
1998 8330 5987 29
1999 3703 552 5
2000 2773 509 -
2001 1330 1050 -
2002 1020 1520 -
2003 3470 4330 -
2004 1040 - -

التوزيع الجغرافي
يمكن القول أن التوزيع الجغرافي للعراقيين في هولندا أكثر استقرارا مقارنة مع المجموعات المهاجرة الأخرى . حيث ينتشرون بشكل مقبول في كل الأقاليم .( Cool

ولا يتركزون في المدن الكبيرة عكس الأقليات الكلاسيكية الكبيرة ( المغاربة والأتراك والسورينام ) التي تتكون من العمالة المهاجرة بالأساس لهذا تنجذب نحو المدن الكبيرة حيث النشاط الاقتصادي . ولأن العراقيين لاجئين بالأساس لا تتحكم فرص العمل في اختيارهم للسكن في البداية وإنما عامل القرابة والمعارف الذين سبقوا إلى هولندا وتوزيع السلطات الرسمية إضافة إلى صعوبة تغيير السكن إلا بعد مضي بعض سنوات . ويقطن في المدن الأربعة الكبيرة 7 آلاف نسمة : أمستردام (2500) ودنهاخ (لاهاي) (2000) وروتردام (1700) واوترخت (800 ) أي 17 % من المجموع في 2002 وقبل ثلاث سنوات كانت النسبة أقل من 15% وفي مدينة دلفت (1100) . وتلاحظ كثافة عالية للعراقيين في المدن الصغيرة مثل الإيرانيين والصوماليين والأفغان حيث 49% منهم يقطن في بلديات سكانها 75,000 نسمة وأقل في 2001 . ولكن حدث انتقال واضح من البلديات الصغيرة إلى الأخرى ذات السكان مائة ألف نسمة وأكثر وهذا ينطبق على الأفغان أيضا . وهذا يُنبئ ببداية إعادة التوزيع الجغرافي للعراقيين حيث تبدأ فرص العمل تمارس دورا في هذا التوزيع .

وللعراقيين تركز واضح في إقليم جنوب-هولندا أكثر من 25% من المجموع وبدرجة أقل في شمال-هولندا .أيضا يسكن نسبيا الكثير في أقاليم خيلديرلاند ( خصوصا في ارنم 1300 ونايميخن ) وفي وفرآيسل وأجزاء من فريسلاند ودرنتا . حيث يقطن في هذه الأقاليم الكثير من العائلات بينما في إقليمي شمال –هولندا وجنوب-هولندا يسكن الكثير من الرجال الراشدين . ويتمثل العراقيون بقوة نسبيا في بلديات زانستاد وماسترخت واندهوفن وابلدورن وزيست وبأعداد أقل نسبيا في امستلفين ودونخيراديل . (9)

المصادر
- 1-CBS, statline, 2005
2- حسبنا النسبة بالرجوع إلىp. 11 Mndstatbevolking , 2002, 1 ,
3- أنظر د.هاشم نعمة " هجرة العراقيين وتأثيراتها على البنية السكانية " مجلة الثقافة الجديدة ، عدد مزدوج 307-308 ، تموز-تشرين الأول ، 2002 ، ص 131 .
4-H.Tillaart and J. Warmerdam, Irakese Vluchtelingen in Nederland, 2002, p.29
5-Ibid, 30.
قمنا بترتيب الجدول بالرجوع إلى الجدولين C.5,C.6 pp.121-122, UNHCR, Statistical Yearbook, 2004, 6 -7Allochtonen in Nederland, 2003, 2004, Tabele A.7, p. 121, Table A.8 p. 84, CBC, Statline 2005.
8-Chan Choenni, “Irakesen in Nederland ” Mndstatbevolking , December, 2002, p.4.
9-Ibid, p.5.

* من كتاب للباحث صدر أخيراً بعنوان " العراق دراسات في الهجرة السكانية الخارجية " دار الرواد للطباعة والنشر ،
بغداد ،2006 .

سمات البنية السكانية للمهاجرين العراقيين في هولندا ( الجزء الثاني )
د. هاشم نعمة

البنية العمرية والجنسية

البنية العمرية للعراقيين في هولندا أكثر شبابا حيث 53% تتراوح أعمارهم بين 20-49 و7,6% لعمر 50 سنة وأكثر مقابل 43,7 % و31,8% للهولنديين على التوالي . وترتفع نسبة صغار السن 39,3% في الفئة العمرية 0-19 مقابل 24,5% للهولنديين . وهي تشبه بنية العراقيين في دول اللجوء الأخرى وعدد من المجموعات المهاجرة في هولندا. أنظر جدول وشكل رقم (3 ) . وهذا يعني أن الهجرة من العراق استقطبت الفئات الشابة وأثرت بعمق في البنية العمرية للمجتمع العراقي . والغالبية الساحقة من العراقيين هم من الجيل الأول 84 % في عام 2004 أي الذين ولدوا خارج هولندا وتبلغ نسبتهم 52% في الفئة 20-49 . أما الجيل الثاني الذي ولد في هولندا يظهر معظمه في الفئة العمرية 0-9 وهذا دليل على حداثة هجرة العراقيين إلى هولندا .

جدول رقم ( 3 ) البنية العمرية للعراقيين وعدد من المجموعات المهاجرة في هولندا ( النسبة المئوية ) في عام 2003 .(10)
المهاجرون 0-9 10-19 20-29 30-39 40-49 50 وأكثر المجموع
الأفغان 20,2 25,4 17,8 19,0 10,5 7,3 34,200
الإيرانيون 13,2 18,2 14,6 25,3 19,3 9,6 28,000
الأتراك 20,7 18,8 19,8 20,1 10.0 10,6 341,400
الصوماليون 31,0 18,5 18,5 21,0 6,9 4,0 27,600
العراقيون 20,0 19,3 15,9 23,8 13,6 7,4 42,000
المصريون 27,6 13,5 9,4 22,4 20,6 6,5 17,000
المغاربة 23,1 20,0 19,9 17,1 9,1 10,8 295,300
الهولنديون 12,4 12,1 12,4 16,2 15,1 31,8 16,193,000

بالنسبة للبنية الجنسية يمثل الذكور الغالبية بالأخص الجيل الأول 61% وقد كانت النسبة أعلى لكنها انخفضت بسبب ارتفاع نسبة الجيل الثاني الذي يكون الفرق وسطه بين الجنسين أقل. وهي عموما تشبه بنية العراقيين في بلدان اللجوء الأخرى فيمثل الذكور في النرويج 67%، وفنلندا 59%، والسويد56%، والدنمارك 55% . وتظل أعلى مقارنة بالمجموعات المهاجرة الأخرى في هولندا باستثناء المصريين. أنظر جدول وشكل رقم (4 ) وتكون النسبة بين الذكور والإناث متوازنة تقريبا في الفئتين العمريتين 0-14 و65 وأكثر ويكون عدد الذكور مرتين أكبر من الإناث في الفئة 30-44 .(11) . وهذا يعود لحداثة هجرة العراقيين كما أسلفنا وارتفاع نسبة الشباب الذكور في الهجرة. وهي عكس البنية في العراق حيث ترتفع نسبة الإناث ربما إلى 60% أو أكثر رغم أن التعداد الأخير في 1997 يثبتها عند 51,3% وهذه النسبة لا يمكن أن تكون واقعية. وقد نتج هذا الاختلال من الحروب واستمرار الهجرة .(12)

جدول رقم ( 4 ) البنية الجنسية ( النوعية ) للعراقيين وعدد من المجموعات المهاجرة في هولندا (النسبة المئوية) في عام 2004 . (13)
المهاجرون الجيل الأول الجيل الثاني
الذكور الإناث الذكور الإناث
الأفغان 56 44 50 50
الإيرانيون 58 42 50 50
الأتراك 52 48 52 48
الصوماليون 55 45 50 50
العراقيون 61 39 57 43
المصريون 73 27 50 50
المغاربة 54 46 51 49

البنية العائلية
غالبية العراقيين القادمين إلى هولندا متزوجين 70%وعزاب 25 %. وعزوبة الرجال أكثر من النساء 25% و20% على التوالي .(14) وحوالي 25%-30%من المتزوجين حديثا لا يسكنون مع بعضهم في هولندا. (15) وهذا يعود أساسا إلى صعوبة إجراءات جمع شمل العائلة . وهناك صعوبة في تحديد نسبة الطلاق أو الانفصال بالرغم من وجود مؤشر قوي على زيادتها مقارنة بالعراق . وكانت البنية العائلية في 2002 كما يلي: عضو في عائلة (زوجان) بدون أطفال 5% ، عضو في عائلة (زوجان) مع أطفال 21%، كبار السن في عائلة زوج أو زوجة واحدة 5% ، أطفال 33% ،غير مرتبط بعائلة 34% ، عيش مشترك لزوجين بدون زواج رسمي مع أطفال 1% .(16)

يحتل العراقيون المرتبة 28 من بين 50 جالية مهاجرة في تكوين العائلات بالزواج من خارج هولندا خصوصا من العراق.ويحتل المرتبة الأولى والثانية المغاربة والأتراك. ففي 1995-2001 بلغ المهاجرون العراقيون 24500 وبلغت الهجرة التابعة 6700 المتكونة من جمع شمل العائلة( الأزواج أو الزوجات أو الأطفال )ومن الزواج الجديد.وبلغت نسبة المهاجرات العراقيات بسبب جمع شمل العائلة أو الزواج الجديد 40% في 2001. وهذا دليل على ارتفاع حجم الهجرة التابعة في السنوات الأخيرة وتراجع طالبي اللجوء. (17)
بلغت حالات الزواج بين العراقيين من الجيل الأول أقل من 200 والمغاربة 1800 والأتراك 1500 والمصريين 200 وبلغت 212 حالة يكون فيها الزوج أو الزوجة عراقي (من السكان غير الأصليين) في 1997-2001 . (18) وهذا يعني ارتفاع نسبة الزواج المختلط في هولندا. لكن الذي يرجح نسبة الزواج بين العراقيين هو الزواج من خارج هولندا وبالأخص من العراق وما يتبعه من جمع الشمل. ارتفاع عدد الجيل الثاني الذي ولد في هولندا من 1000 إلى 7000 نسمة ونسبته من 6% إلى 16% من مجموع العراقيين خلال 1997-2004 والزواج المختلط رغم أن نسبته ما تزال غير عالية من المجموع يساهمان في تكوين عائلات عراقية ذات تنوع لغوي وثقافي وحضاري .
نجد معدل الخصوبة للمرأة العراقية ( متوسط عدد الأطفال لكل امرأة ) منخفضا في هولندا مثل بلدان المهجر الأخرى وبالأخص الغربية منها فقد بلغ 3 أطفال لكل امرأة من مواليد الفترة 1955-1959 في عام 2005 بينما في العراق 3,8 في عام 2003 . وحوالي ثلث العراقيات في هولندا في عمر 55 سنة ليس لديهن أطفال. ويمكن تفسير هذا الفرق بين المعدلين بعدة أسباب منها أن العائلات الكبيرة تصعب عليها الهجرة للأعباء المالية الكبيرة التي تتطلبها وبالأخص إذا كانت لطلب اللجوء. ثم أن الغالبية الساحقة من المهاجرين هم من المتعلمين ومن ذوي التحصيل الدراسي والجامعي الذين ينخفض معدل الخصوبة وسطهم نتيجة الوعي بأفضلية العائلة الصغيرة. كذلك تماشيا أو تأثرا بظروف ومتطلبات الحياة الجديدة وبالأخص في الدول المتقدمة التي تشهد انخفاضا بينا في معدلات الخصوبة. هذا إضافة إلى عوامل أخرى. هذا الانخفاض في معدل خصوبة المرأة لابد وأن يساهم في تراجع معدل النمو السكاني لعموم العراقيين. (19 ) وهكذا لابد أن تترك الهجرة تأثيراتها على البنية العائلية في بلدان المهجر والعراق.
المصادر

قمنا بترتيب الجدول وحساب النسب بالرجوع إلى 10-Statistical Yearbook of Netherlands, 2004, Table, 12, p. 36.
11-Chan Choenni, op.cit., p.5.
12 -أنظر د.هاشم نعمة ، مصدر سابق ، ص 135-136.
قمنا بترتيب الجدول وحساب النسب بالرجوع إلى 13-Allochtonen in Nederland , 2004 , p. 79
14-Chan Choenni , op. cit., p.5.
15-Bevolkingstrends, 1e Kwartaal, CBC, 2003, p.74.
16-H.Tilaart ..., op.cit., p. 33.
17-Bevolkingstrends, 1e Kwartaal, 2003, p.7, 2e Kwartaal, 2002, pp.15-16.
18-J. de Beer en C.Harmsen, “Allchtone huwelijken “ Bevolkingstrends, 2e Kwartaal, 2003, pp.33-34.
19 – أنظر د.هاشم نعمة ، مصدر سابق ، ص 136 .

سمات البنية السكانية للمهاجرين العراقيين في هولندا – الجزء الثالث والأخير

د. هاشم نعمة
البنية التعليمية
أدت هجرة العراقيين بأعداد الكبيرة إلى هولندا في 1996-1998 إلى بروز جالية عراقية ذات تنوع كبير فيما يخص المستوى الدراسي والاجتماعي . فغالبية العراقيين من العائلات المتوسطة ولديهم تعليم يصل إلى مستوى المتوسطة ( الثانوية ) أو أعلى .(20) ومن الجدول والشكل رقم (5) يتبين أن نسبة الأمية وسطهم في عمر 18 وأكبر تعد منخفضة ( 10%) مقارنة بالعراق وأن هناك فرقا في المستوى الدراسي بين الجنسين لصالح الذكور لكنه يتساوى في التعليم المهني والجامعي. وهذا يختلف عن العراق حيث نسبة الذكور هي الأعلى في جميع المرحل الدراسية (57,5% ) في 1997-1998 باستثناء معاهد المعلمين حيث نسبة الإناث هي الأعلى .(21) مع ملاحظة أن الجدول المذكور لم يُظهر بيانات الدراسات العليا علما أن هناك مجموعة كبيرة تتمتع بتعليم عال ( مثقفون وأكاديميون وأساتذة جامعة ) . ومن بحث عينة يتضح أن نصف العراقيين يفهم ويقرأ اللغة الهولندية بشكل جيد أو جيد جداً في حين يعد مستوى التحدث والكتابة منخفضا لكن المستوى يتحسن باستمرار بالأخص لغير الكبار كلما طالت فترة الإقامة وزادت نسبة الجيل الثاني.

جدول رقم (5 ) المستوى الدراسي لطالبي اللجوء العراقيين في هولندا في الفترة 1995 -2000 من عمر 18 سنة وأكبر حسب العمر والجنس. ( النسبة المئوية ) (22 )
المستوى الدراسي العمر المجموع الجنس المجموع
18-24 25-34 +35 ذكور إناث
بدون تعليم 9 7 15 10 7 18 10
1-3 سنة تعليم ابتدائي 5 3 3 3 3 3 3
4-5 سنة تعليم ابتدائي 6 4 5 5 5 4 5
شهادة التعليم الابتدائي 13 9 10 11 10 12 11
التعليم المتوسط 23 18 13 18 19 16 18
التعليم الثانوي 18 15 13 15 16 13 15
التعليم المهني بعد الثانوية 6 9 6 7 8 5 7
بعض سنوات في التعليم المهني العالي أو الجامعي 6 7 7 7 7 6 7

التعليم المهني العالي أو الجامعة * 13 27 28 24 24 24 24
المجموع ( = 100%) 3101 5202 3406 11709 8593 3043 11636
• المقصود بالتعليم المهني في هولندا المدارس العليا بعد الثانوية التي تمنح البكالوريوس في جميع التخصصات بما فيها التدريس.

وحسب بحث عينة يتبين أن عدد السنوات الدراسية التي أكملها اللاجئون العراقيون في العراق كانت: أكثر من 6سنوات 12% ، 7-9 سنوات 16%، 10-12 سنوات 29%، 13-15 سنوات 16%، 16 سنة وأكثر 15% .(23) وحصل الكثير في العراق وأحيانا في الخارج على شهادات عالية . لكن هناك فرصا قليلة لعملهم بهذه الشهادات في هولندا. وطبقا للعينة ينتظر الكثير من العراقيين الدراسة وتعلم مهنة جديدة للحصول على عمل جيد. هذه المشاكل لا تتعلق فقط بالأشخاص ذوي الشهادات العالية وإنما تشمل أيضا مستوى التعليم الثانوي ودراسات معينة في التعليم المهني . بالنسبة للأشخاص ذوي الدراسة المهنية الذين يتمتعون بخبرة من الأسهل الاعتراف بتأهيلهم . ويمكن لأولئك الذين لديهم تأهيل دراسي مهني مثلا في الكهرباء ، أو الميكانيك ، أو النجارة أن ينخرطوا في التعليم المهني الهولندي من خلال دورات دراسية أو مشاريع تدريب أضافية قصيرة للحصول على شهادة هولندية تؤهلهم لإيجاد عمل في تخصصهم المهني وبمستوى مناسب . حيث يلاحظ أكثر قليلا من ثلث العراقيين يواصل دراسته في دورة مهنية أو أكثر. وتنخفض هذه النسبة وسط الذين قدموا في أعمار كبيرة. ويمكن أن يكون تغيير التخصص الحل لمشكلة العمل مثل اختيار الكمبيوتر أو الإعلاميات أو الميكانيك أو غيرها وهذا ينطبق على الهولنديين أيضا . ويتم هذا من خلال الدراسات المسائية في كثير من الحالات. (24)

يواجه الأطفال العراقيون العديد من المشاكل أكثرها صعوبة الانتقال من نظام التعليم العراقي إلى الهولندي . وتتضح هذه الحقيقة بأنهم لا يشعرون بالارتياح في المدرسة ولا يستطيعون إنجاز أعمالهم المدرسية بشكل جيد مقارنة مع أقرانهم في الصف الدراسي. ولكن هذه الصعوبة تخف أو تختفي عند الأطفال الذين أتوا صغارا أو ولدوا في هولندا . مع ذلك يتبين
من نتائج بحث أن الأطفال العراقيين في المتوسط لا يعد مستواهم الدراسي منخفضا مقارنة مع الأطفال الآخرين المتخلفين دراسيا . ويلاحظ أن مستواهم في بعض المواد جيدا مثل الرياضيات .(25)

في المتوسط يُعد مستوى تعليم العراقيين أقل مقارنة مع السكان الأصليين لكنه أعلى خصوصا للقادمين الجدد مقارنة بالمجموعات المهاجرة الأخرى. وفي تقديرنا مع طول الإقامة ستواصل البنية التعليمية التغير لتقترب من تلك العائدة للهولنديين.

السكان النشيطون اقتصاديا والبطالة
يقع هؤلاء في الفئة العمرية 15-64 ويلاحظ أن نسبتهم مرتفعة في هولندا 70% مثل العراقيين في الخارج مثلا في الدنمارك 62% بينما في العراق 55% .(26) ورغم مستوى التعليم العالي نسبيا الذي يتمتعون بهي إلا أنه من الصعوبة الحصول على عمل حيث معدل البطالة وسطهم مرتفعاً 33% مثل الأفغان والصوماليين. (27) وكان المعدل أعلى 50% اعتمادا على بحث عينة .وكان نصف الذكور قي عداد البطالة في عام 2000 . وفي ذات السنة كان الذكور في نفس الفئة العمرية الذين جاءوا إلى هولندا في عام 1995 نصفهم إما عاطلا عن العمل أو يعتمد على راتب المساعدة الاجتماعية .(28) وتحصل نسبة 10% من العراقيين الذين هم في عداد البطالة أو يعتمدون على راتب المساعدة الاجتماعية على عمل بعد مرور سنة على وضعهم هذا مقارنة مع 33% للمهاجرين من دول الاتحاد الأوروبي. وتعد نسبة الرجوع من العمل إلى البطالة مرتفعة نسبيا وسط العراقيين 10% وللغانيين ومواطني يوغسلافيا السابقة 7%و4% على التوالي ومن دول الاتحاد الأوروبي 2%.(29) وقد انخفضت نسبة العراقيين في الفئة العمرية المذكورة المعتمدين على راتب المساعدة الاجتماعية من 36%في 1999 إلى 29% في 2001 لكنها ارتفعت إلى 33% في 2002 . (30) ويبدو أن تباطأ نمو الاقتصاد الهولندي ساهم في هذا الارتفاع . ومع مرور الوقت ستنخفض البطالة مع تزايد نسبة الجيل الثاني حيث فرص العمل بالنسبة له أكبر بكثير من الذين أتوا أكبر سناً.
البنية الاثنية والدينية
من الصعب معرفة هذه البنية بشكل دقيق لأن أرقامها لا تنشر من قبل السلطات الهولندية ثم أنها متحركة بسبب تغير نسب القادمين الجدد من مناطق العراق المختلفة. وطبقا لبحث عينة شكل الأكراد 59,25% من المجموع والعرب 25,9% والتركمان 3,7% والأشوريون 3,7%و بقية المجموعات 7,4%. هذه العينة عشوائية من المحتمل أن تعكس البنية الاثنية بشكل جيد . أنظر شكل رقم (6) وطبقا لبحث آخر شكل الأكراد 35% و35% و52% من مجموع القادمين في الأعوام 1993 و1994 و1997 على التوالي. وشكل العرب 45% و37% و36% في نفس الأعوام .وجاء الكثير نسبيا من الآشوريين في عامي 1993 و1994 . وتراوحت المجموعات الأخرى بين 12-14% خصوصا التركمان والأرمن والكلدان . وهناك حصة كبيرة نسبيا ولكن متناقصة من القادمين من بغداد 48% في 1993 و44%في 1994 و30% في 1997 (31) وأعداد قليلة من البصرة و2% من عراقيي الكويت . وفي 2002 كان حوالي 25 ألف من الأكراد 12 ألف عرب مسلمين والبقية 4 آلاف غالبيتهم من المسيحيين.(32)
وحسب بحث آخر يشكل المسلمون 90% والبقية غالبيتهم من المسيحيين. ولكن معطيات معهد الإحصاء المركزي ترفع نسبة المسلمين إلى 97 % في عام 2002 . والغالبية السائدة وسط المسلمين من السنة أما الشيعة فيمثلون 20%. إجمالا هذه البنية تعكس بنية المجتمع العراقي مع تباين في النسب يعود لتباين انحدار القادمين جغرافيا واثنيا ودينيا. وإذا أخذنا في الاعتبار تشابهها مع عدد من بلدان اللجوء الأوروبية فلابد أن تترك أثرا في بنية المجتمع العراقي عموما.وفي تقديرنا أن حدة التقسيم هذه ستخف نوع ما في المدى الطويل بسبب التزاوج بين الأطياف المختلفة والبعد عن قوة الرقابة الاجتماعية والاندماج في المجتمع المضيف.

ازدواج الجنسية
في الواقع لا يرغب الكثير من العراقيين بازدواج الجنسية لكن ظروف الإقامة الطويلة في بلدان المهجر تضطرهم لذلك . ومن بحث عينة شمل عراقيي 1997 تبين أن 34%منهم يحملون الجنسية الهولندية . (33) وحصل عليها أكثر من 2400 عراقي في عام 2002 وهذا أقل من رقم عام 1999 الذي كان 3800.وفي الفترة 2000-2002 كانت نسبة تجنس العراقيين الأعلى 25% يأتي بعدهم السوريناميون 20% . ويُعد معدل التجنس مرتفعا للفئة العمرية 25-30 وكذلك الأطفال حتى عمر 15 سنة (34) بسبب أن الأطفال المولودون في هولندا لا تنطبق عليهم المدة القانونية للحصول على الجنسية . وفي السويد أكتسب 35% من العراقيين الجنسية السويدية وفي النرويج 22% حتى عام 2001. وفي الدنمارك يُعد معدل تجنس العراقيين الأقل 25% مثل الأتراك. ويلاحظ أن نسب تجنس العراقيين في هذه الدول قليلة مقارنة بالمهاجرين الآخرين وهذا يعود إلى حداثة هجرتهم. (35 ) أنظر جدول رقم ( 6)

جدول رقم (6 ) العراقيون الحاصلون على جنسيات أجنبية ومجموع العراقيين في عدد من البلدان المتقدمة .( 36)
البلد مجموع الحاصلين على جنسية بلد الإقامة الفترة مجموع العراقيين في بلد الإقامة السنة
استراليا 13565 1997-2003 - -
السويد 35138 1988-2003 70920 2003
الدنمارك 6409 1980-2001 26351 2003
النرويج 3169 1977-2002 13373 2004
النمسا 1773 1991-2001 - -
فنلندا 934 1995-2002 3803 2002
هولندا 15778 1995-2002 43523 2005

الاندماج في المجتمع الهولندي
يلاحظ تباين في عملية الاندماج بين العراقيين الذين هاجروا إلى هولندا قبل عام 1990 والذين جاءوا بعده. المجموعة الأولى كانت بأعداد محدودة وسكنها موزع على كل هولندا وإمكانية الاتصال مع العراقيين كانت محدودة وهي بحاجة قوية للاندماج. وتوفرت لها إمكانيات جيدة من ناحية الإرشاد والاتصال وإعطاء فكرة عن البلد . وقد اندمج الكثير من عراقيي هذه المجموعة بشكل جيد. أما المجموعة الثانية فكانت بأعداد كبيرة وجاءت في ظل أوضاع جعلت الاندماج أكثر صعوبة حيث الاستقبال والإرشاد أقل وأصبحت فكرة اللجوء أكثر سلبية وجزء من هؤلاء كانت ملفاتهم إما مغلقة أو طلبات لجوئهم مرفوضة ومهددين بإعادتهم إلى العراق. وطبقا لبحث عينة يمكن تمييز ثلاث مجموعات من ناحية الاندماج: مجموعة تريد البقاء في دائرة العراقيين لكنها تبحث أيضا لإقامة صلات مع الهولنديين. وثانية لا تريد أي اتصال مع العراقيين وإنما فقط مع الهولنديين و تريد أن تبني حياة أخرى. ومجموعة ثالثة تريد الاتصال فقط مع العراقيين ولا تريد ذلك مع الهولنديين حتى لو كان لها عمل معهم وهذه المجموعة من الصعوبة إقامة العلاقات معها أحيانا. ويلاحظ أن المجموعة الأولى هي الأكبر والمجموعتان الأخيرتان هما الأصغر. ( 37) وبالتأكيد تُعد هذه مؤشرات وقتية مع حداثة واستمرار الهجرة مع ملاحظة أن الشباب أكثر قابلية على تعلم اللغة والعمل والاندماج مقارنة مع الأكبر سنا خصوصاً عمر 35 سنة وأكبر.

وبما أن الاندماج عملية تفاعل اجتماعي مستمر لا يقف عند نقطة معينة لذلك نرى أحدث بحث صادر عن جامعة روتردام في الربع الأخير من عام 2004 قد أشار إلى أن العراقيين من بين المجموعات المهاجرة الجديدة التي تندمج بسرعة في المجتمع الهولندي خلافا للمجموعات الأقدم مثل الأتراك والمغاربة .ومن مؤشرات ذلك أن واحداً من ستة من العراقيين يجدون من غير المقبول ارتباط الابن أو البنت بالزواج مع السكان الأصليين في حين ترتفع هذه النسبة إلى الثلث للأتراك والنصف للمغاربة. وعزى البحث ذلك إلى ارتفاع مستوى التعليم وسط العراقيين. وهذا الاستنتاج يخالف بحوث عينة سابقة أشارت إلى ضعف الاندماج وسط العراقيين.

* من كتاب صدر للباحث أخيراً بعنوان " العراق دراسات في الهجرة السكانية الخارجية " دار الرواد للطباعة والنشر ، بغداد، 2006 .

المصادر

20-Chan Choenni, op.cit., p.5.
21-Statistical Abstract of the ESCWA Region, UN, 2000, Table 11.1, p. 103 .
22-H. Tillaart…op.cit., Table 3.4, p.27.
23-Ibid, p.42.
24-Ibid, pp.59-61.
25-Chan Choenni, op.cit.,p.5.
26- أنظر د.هاشم نعمة ، مصدر سابق، ص 138.
27-NRC Handelsblad, 21-10-2004.
28-Bevolkingstrends, 2e Kwartaal, 2004, pp.47-49.
29-Ibid, pp. 52-53
30-Allochtonen in Nederland, 2003, Table E.6, p.163.
31-H.Tillaart..., op.cit, 45.
32-Chan Choenni, op.cit., p. 5.
33-H.Tillaart…, op.cit., 45.
34-Ron Tas “Naturalisaties in 2002 “ Bevolkingstrends, 2e Kwartaal, 2004, p.70.
35-Immigrants and minorities , Vol. 22. Nos 2-3, July-November, p.117.
36- قمنا بترتيب الجدول استنادا إلى المجموعات الإحصائية السنوية الصادرة من الدول المذكورة ومكتب الإحصاء المركزي الهولندي و OECP, Trends in International Migration, 2001, pp.332-340 and Eurostat, European Social Statistics, 2000, pp.46-52.
37-H.Tillaart…, op.cit., pp.94-95.